Header Ads

test

هل يفارق الروح القدس الخاطئ.؟؟


هل يفارق الروح القدس الخاطئ


بضعة مقتطفاتٍ من مقالةٍ حول مفارقة الروح القدس للخاطئ

وهي مقالة من وضع القديس مار فيلكسينوس المنبجي، يردّ فيها على إنسانٍ سأله: «هل يفارق الروح القدس الإنسان عندما يُخطئ ويعود إليه ثانيةً عندما يتوب؟»


+  ثمّة فارقاً بين الخطيئة المرتكبة بالأفعال، وبين الكفر بالله. فإذا أخطأنا بالفعل، يبقَ إيماننا بالله غير متزعزع ولا نفقد التبني الإلهي مثل الابن الطبيعي الذي مهما أخطأ إلى أبيه وأساء إليه في أمور كثيرة، فإنّ ذلك لا يحرمه من أن يُدعى ابنه. ومهما أخطأ الابن وزلّ، لا يفقد كرامته كابن، اللهمّ إلاّ إن شاء أبوه أن يحرمه منها.
ولهذا السبب نحن دائماً معمَّدون، لأنّ الروح القدس هو دائماً فينا. لا خطيئة يمكنها أن تنزع عنّا معموديتنا: لا الفجور ولا السرقة، لا الزنى ولا شهادة الزور، ولا أي عمل يشبه ذلك، ما خلا الكفر بالله والاشتراك مع الشياطين، لأنّ الروح القدس بعيدٌ حقًّا عن هذه الأفعال ونحوها. فهو لا يرضى أن يمكث حيث يسكن الشيطان: «أيّة شركة للمسيح مع الشيطان، أو للمؤمن مع غير المؤمن، أو لهيكل الله مع الأبالسة». فإن جاز القول إن الروح القدس يفارق النفس التي أخذته بالمعمودية، فإنه يفارقها بسبب هذه الخطايا أي يبتعد عن هذا الإثم. وهذه لا ينبغي أن تُدعى خطايا وحسب فالكفر بالله سبحانه تعالى ليس مجرّد خطيئة، بل إنه تمرّد على سيادته وعداوة تشنّ حرباً مفتوحة ضدّه.

+ ومهما أساء سكان المدينة أو مواطنو البلد إلى الملك المتسلِّط عليه، وتعدّوا على قوانينه بالعلن أو بالخفاء، ما داموا لم يحطّموا تماثيله ولم يحرقوا صوره، لا يُعَدّ تعدّيهم تمرّداً. ولكن إن صدف وحدث ذلك بإثارة الشغب بين الشعب، فإنّه يتلقى حالاً العلاج من قبل الحكام، ويتلقى مرتكبو ذلك عقابَ الموت. وإذا حدث أن قام قائدٌ في مدينة، وأثار معه الشعب أو البلد، ودمّر وحطّم دفعةً واحدةً جميع تماثيل الملك وصوره التي ترمز بمنظرها إلى سلطته على البلد أو المدينة، فإنه يرفض بذلك سلطة الملك على المدينة، ويُظهر تمرّده عليه. لا ريب أن الحالة مماثلة للذين يكفرون بالله بعد إيمانهم واعتمادهم، سواء بذبحهم للأبالسة أو باشتراكهم مع السحرة. وبما أنّهم أنكروا سيادة الملك الأول واعترفوا بقائد غريب، فإن الروح القدس الّذي نالوه بالمعمودية يبتعد عنهم مثلما تغادر سياسةُ الملك وقوانينه المدينةَ التي تنصّب فيها القائدُ حديثاً.

+ وربَّ قائلٍ: «إنّ الروح القدس يفارقنا عند ارتكابنا باقي الخطايا الأخرى أيضاً ومتى تُبنا عنها يعود إلينا». إن فارقنا، من هو الذي يحثّنا على أن نتوب عن خطايانا؟ التوبة لا تتحقق بدون الروح: بدون الأصوام والأسهار والصدقات والصلوات، وتوجّع النفس الدائم والدموع المذروفة في كل حين والأنات التي لا توصف، هذه التي هي من عمل الروح كما قال بولس: «لا نحسن الصلاة كما يجب، ولكنّ الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا توصف. الذي يفحص القلوب يعلم ما هو نزوع الروح فإنّه بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين». رأيتَ كيف أنّ كلّ الصالحات التي تقودنا إلى التوبة هي من عمل الروح. والصلاة النقية التي هي كمال كلّ الصالحات تتحرّك في نفسنا بفعل الروح. والأنّات عند تذكّر خطايانا، هو الّذي يثيرها أوّلاً فينا بشكل خفي.

+++ لماذا يا ترى يفارقنا عندما نخطئ، أيّها الشقيّ؟ هل لأنّ خطيئتنا تخسّره شيئاً أو أنّ دنساً ما يطال قداسته، أو لأنّه لا يمكنه أن يحفظ نفسه وهو فينا كي لا يلحقه أذى بسبب خطيئتنا؟ إن صحّ ذلك، يكون هو أيضاً ضعيفاً ومعرّضاً للأذى مثلنا. لكن ليس الأمر كذلك. حاشا!

إنّه في نفسنا، تارةً يحتجب عنها وتارةً يُشرق عليها. عندما يحتجب لا يُفارق، وعندما يُشرق لا يأتي من مكان. مثال ذلك هو النور الطبيعي: هو في بؤبؤ العينحتى وهي مغمضة، إلاّ أنها لا تبصره ما دام الجفن مُسدلاً عليها. ولكن حين تتفتّح، تبصر بواسطة النور الموجود فيها، إذ يلتقي بالنور الخارجي. وبالشكل عينه يحلّ الروح في نفسنا، مثل النور في البؤبؤ.

+ أيّ طبيبٍ يرى مريضاً مُصاباً بداء، فيتركه وشأنه ويغادر، ثمّ عندما يستعيد عافيته، إذّاك يعوده؟ أوليس في زمن المرض خاصّةً يمكث الطبيب لدى المريض، ومتى تعافى ولم يعد محتاجاً إليه، آنذاك يلتفت إلى عمل آخر؟ فلو كان الروح يفارق نفسنا بحسب رأيهم الغبي، فالأولى به أن يفارقها في وقت العافية أكثر من وقت مرضها. 
+++++
وتعرفون الحق والحق يحرركم... 

ليست هناك تعليقات