الرد على من يدعون اسطورية ادم والجنة
الرد على مهاجمة البعض للكتاب المقدس والإيمان المسيحي وإدعاءه أن الكتاب المقدس به أساطير.
يقول البعض أن قصة الجنة والشجر والأكل من شجرة وتكلم الحية هى أساطير وليست أحداث حقيقية، وان الكتاب المقدس به أساطير، ويسيء البعض فهم قول للقديس أثناسيوس الرسولي أساء تفسيره، ويقدمون حجج أخرى وهى لماذا لم يذكر الله اسم الشجرة والثمرة حتى لا نأكل منها ولا نزرعها مرة اخرى؟، ثالثا لا يمكن للحية ان تتكلم، لذلك سوف أرد بإيجاز على هذه البدعة وحججها الثلاث.
--------------
الحجة الأولى، قول القديس أثناسيوس الرسولي:-
ضد الوثنيين الفصل الثاني الفقرة الرابعة عرض للترجمة العربية التي قام بها ابونا مرقس داود عن الانجليزية
وذلك تماماً كأول إنسان خلق – الذي سُمي بالعبرانية آدم – إذ وُصِفَ في الكتب المقدسة بأن عقله كان متجهاً نحو الله بحرية لا يعيقها الخجل، وبأنه كان يشارك القديسين في التأمل في الأمور التي يدركها العقل، والتي كان يتمتع بها في المكان الذي كان فيه – الذي دعاه القديس موسى رمزياً بالجنة.
الرد:-
1- القديس لم يقول أن المكان هو رمزي، بل قال أسم المكان هو اسم رمزي، فكلمة فردوس او جنة تعني مكان للتنعم او حديقة أو مكان به أنواع كثيرة من الأشجار وهواء جميل ومياه، إذن كلمة الفردوس هى كلمة رمزية او تعبير تصويري بيعبر عن مكان له شكل معين، وهو الجنة التي خلقها الله، وكما هو واضح امامكم قول القديس إيريناؤس من القرن الثاني في كتابه الكرازة الرسولية
حيث يقول: "أعدّ الله له أفضل مكان في العالم من حيث توفر الهواء والجمال والنور والغذاء والنبات والثمار والمياه، لم ينقصه شيئًا من مستلزمات الحياة، لذا دُعى هذا المكان الفردوس" إذن كلمة فردوس وهى التي استخدمها القديس أثناسيوس حسب النص اليوناني هى تعني اسم يرمز او يشير او يصور لمكان له شكل معين، هواء وجمال ونور وغذاء ونبات وثمار ومياه، لذلك نجد أبينا سليمان النبي يقول:
"عَمِلْتُ لِنَفْسِي جَنَّاتٍ وَفَرَادِيسَ، وَغَرَسْتُ فِيهَا أَشْجَارًا مِنْ كُلِّ نَوْعِ ثَمَر (جامعة2)
واضح هنا ان فراديس وجنات هى كلمات تعبر عن مكان له شكل معين، لذلك ميز الله الجنة التي خلقها باسم جنة عدن، إذن فاهؤلاء اساءوا فهم القول .
2- وهذه الكلمة "رمزيا" أتت في الأصل اليوناني لقول القديس أثناسيوس كالآتي:-
Τροπιχώς
وهى تعني مجازي، تعبير تصويري، رمزي، والمقصود هنا هو اسم الجنة وليس المكان.
وكلمة "دعاها" اتت في الاصل اليوناني "ὠνόμασεν" يعني اعطاها اسم او اشار اليها بهذا الاسم، او عنونها باسم.
وكلمة الجنة اتت "Παράδεισον" يعني حديقة او مكان للتنعم، فردوس، نطقها "باراديسوس".
---------------------------
الحجة الثانية: لماذا لم يذكر الله اسم الثمرة التي اكلها ادم لكي لا ناكلها ونحرم زراعتها؟
الرد:-
1- هذه الحجة تدل على شيئين الاول: ان هؤلاء لا يعرفون اي شيء عن تعاليم الآباء بخصوص هذا الأمر كما سأوضح، الثاني: ان هذه الحجة تدل على ان الهرطقة اتت أولا ثم ذهبوا لكي يجدوا لها أدلة
2- الشجرة ليست خطية أو شر في ذاتها، لان الله لم يخلق الخطية، ولكن الخطية هى مخالفة وصية الله، والله منع آدم من الأكل منها وأعطاه هذه الوصية وألحق بها تهديد بعقوبة الموت، لكي يحفظه لأن الرب منح ادم سلطان على كل الخليقة الارضية وجعله سيدا على الحيوانات والطيور فكان لابد لآدم ان يعرف ان هناك إله فوقه يخضع له وان له سيد خلقه، حتى لا يتكبر ويظن انه هو سيد كل شيء ولا أحد فوقه ويبتعد عن الله.
يقول القديس كيرلس الكبير:-
"على الرغم من ان الله خلقه آدم من الطين، إلا أنه كائن حي عاقل ونفخ فيه مباشرة روحاً خالدة محيية، لأنه مكتوب "ونفخ في وجهه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية" وبعد ان وضعه في الفردوس وأعطاه السيادة على كل المخلوقات الأرضية، وجعله سيداً على كل أنواع الكائنات التي تحيا في المياه والطيور وأخضع له كل الوحوش المفترسة ومعها أجناس الحيات السامة وألزمها بنواميس طبيعية أن تهابه، وأصبح الإنسان يمثل المجد الأسمى على الأرض وصورة للسيادة الملائمة لله
ولأن هذا الإنسان الذي وصل إلى مثل هذه الدرجة من المجد والسعادة كان يجب أن يعرف جيداً إن سلطان الله الملك والرب يفوق كل ما يمتلكه، وحتى لا ينزلق سريعاً بسبب إمتيازاته الكثيرة إلى الإعتقاد بأنه صار حرا من سلطان الله وسموه أعطاه الله على الفور وصية، وبجوارها وضع له تهديدا في حالة مخالفته لها، لأنه لم يكن قد وجد بعد فوق الأرض طريقة للخطية، إذ أن الإنسان كان واحدا فريدا ولكن لكي يضعه تحت الناموس ابتدع له طريقة يؤمن بها نفسه لأنه يقول: "من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تاكل منها موتاً تموت" ثم بعد ذلك أخذ ضلعاً من جنب آدم وخلق المرآة التي ستعينه في ولادة البنين والبنات والتي سوف تحيا معه نظيراً وتشترك معه في الحياة ببساطة، ونظراً لأنها إنقادت بخيالات الشيطان إلى المخالفة، واكلت من الثمرة المحرمة ومعها أنخدع آدم نفسه ففي الحال حكم الله على الطبيعة البشرية بالموت"
جلافيرا للقديس كيرلس، المقالة الأولى
نفس الكلام قاله اباء كثيرون مثل القديس إيريناؤس القرن الثاني. وكرره القديس كيرلس في المقالة الاولى من كتابه السجود والعبادة بالروح والحق.
ويقول أيضا القديس كيرلس ان خطية آدم اكل حقيقي ومادية ومحسوسة وليست رمز:
"مستخدما في خداعه المرأة كآداة له، وهو دائما يدفعنا نحو الخطية........ إذن فهذا الذي حدث مع آدم بطريقة مادية محسوسة، من الممكن ان يحدث ذهنياً وبطريقة غير محسوسة مع كل واحد منا"
القديس كيرلس الكبير السجود والعبادة بالروح والحق المقالة الاولى
ويؤكد القديس أن خطية آدم هى الأكل من شجرة
طبيعة الإنسان في المسيح [الطبيعة الناسوتية للكلمة المتجسد] حرة من أخطاء شراهة آدم، عن طريق الأكل نحن كنا مهزومين في آدم، وبواسطة التقشف [الصوم] أنتصرنا في المسيح.
القديس كيرلس الكبير، العظة (12)، على شرح إنجيل القديس لوقا
3- هل هؤلاء أحكم من الله حتى يقولون أنه لو هى ثمرة حقيقية لماذا لم يذكر الله صنفها حتى لا نزرعها مرة أخرى وسيمنعوا زراعتها من الأرض لو هى فعلا ثمرة حقيقية؟ هل الله الذي زرعها مُخطيء؟ ما هذه الفرضيات التي تهين الله بطريقة مباشرة؟! هذه نتيجة مباشرة لمحاولة تبرير البدع فيسقط الإنسان في أخطاء أكثر وأشر.
---------------------------------
الحجة الثالثة: هل الحية تتكلم وتكلمت مع آدم؟
الرد:-
الحية غير عاقلة وغير ناطقة ولكن الشيطان دخل فيها وتحدث مع حواء من خلال الحية، وهذا ليس غريب فلو قرأنا الإنجيل وتاريخ الكنيسة نجد ان ابليس يدخل في البشر ويتحدث من خلالهم بل ويدخل في الحيوانات مثلما دخل في الخنازير وتحدث من اثنين من البشر في إنجيل القديس متى اصحاح 8
وهذا ما اكده الآباء
يقول القديس إيريناؤس:
". ثم لعن الله الحية التي كانت إناءً لإبليس، وحلت اللعنة على الحيوان نفسه (الحية) كما على الملاك الذي اختفى فيها أى الشيطان. أما بالنسبة للإنسان، فطرده الله من حضرته، وأسكنه بالقرب من الفردوس، لأن الخطاة لا يُقبلون داخل الفردوس
الكرازة الرسولية من فقرة 11 حتى 16
نفس الكلام وضحه القديس مار إفرام السرياني في شرحه لسفر التكوين وكل ما سبق هو نفس الشرح الذي شرحه القديس البابا شنودة الثالث
أختم معكم بقول للقديس يوحنا ذهبي الفم عن الوحي:-
ولهذا السبب نؤثر نحن الذين سمعناها (كلمات الله في الكتاب المقدس) أن نتخلى عن حياتنا من أن نحيد عن التعاليم التي سلمها إلينا. وذلك واضح في هذا الموضع وفي كل مكان ان أقواله ليست أقوال بشرية بل أن كل التعاليم التي اتت إلينا من خلال نفس هذا الطوباوي هى إلهية سمائية"
العظة الثانية على شرح إنجيل القديس يوحنا
ويقول القديس باسيليوس الكبير:
"أن لي معرفة بطريقة التفسير الرمزي، وأن كان أقل من عمل آخرين. هناك هؤلاء الذين بالحقيقة لا يقدرون الإحساس الحقيقي للكتاب، الذي لهم الماء ليس ماءاً ولكنه شيء أخر، الذين يرون في النبات والسمك أشياء حسب هواهم، الذين يغيرون طبيعة الزحافات ووحوش البرية لتناسب رمزيتهم، مثل هواء الذي يفسرون الأحلام، يفسرون الرؤى في النوم لكي تخدم أغراضهم هم. بالنسبة لي العشب هو عشب، النبات والسمك ووحوش البرية والحيوانات الآليفة، انا اخذها بمعناها الحرفي "لأني لا استحى بالإنجيل" (رو16:1).
العظة التاسعة الفقرة الأولى، كتاب ايام الخليقة الستة للقديس باسيليوس، ترجمة الراهب بيشوي الأنطوني
يقول القديس كيرلس الكبير (في رده على هراطقة أدعوا أن الكتاب المقدس به قصص واساطير مثل قصة الطوفان):
"لا شك في أن الكتب المقدسة التي أوحى بها الله شهادة صادقة على هذه الاحداث، ولكن بما ان بعض أتباع الخرافات قد أدعوا أن ديانتنا مجموعة من أقاصيص جريئة خالية من أي وجه من وجوه الحقيقة، رأيتني مضطرا أن اورد أيضاً أقوال بعض مؤرخيهم"
القديس كيرلس الكبير ضد يوليان الكتاب الاول الفقرة رقم 6
لي كثير لأقوله ولكني أكتفي بهذا، وأتمنى ان يحفظ الرب كنيسته
مسيحي ارثوذكسي
Post a Comment